حريقان في الكرنك خلال شهر يثيران التساؤلات حول إجراءات الحماية
شهدت معابد الكرنك في مدينة الأقصر حريقين خلال أقل من شهر، ما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب تكرار هذه الحوادث وسبل الوقاية منها. فقد اندلع حريق محدود أمس في منطقة الحشائش المتاخمة لمعبد موت، على بعد 350 مترًا من معابد الكرنك، دون تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية. بينما وقع حريق آخر يوم 25 أكتوبر الماضي في الحشائش والنخيل الجاف، على مسافة 400 متر من السور الخلفي للمعبد، وامتدت ألسنة النيران إلى منزلين قبل أن تتمكن قوات الحماية المدنية من السيطرة عليه.
أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن تكرار هذه الحوادث يثير علامات استفهام حول التدابير الوقائية في المواقع الأثرية. وأشار إلى أن السبب الظاهري للحريقين هو انتشار الحشائش الجافة، وهو أمر حذرت منه حملة الدفاع عن الحضارة المصرية مسبقًا، مطالبة بإزالتها باستخدام طرق حديثة وآمنة لا تضر بالآثار.
دعا الدكتور ريحان إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتعزيز حماية المواقع الأثرية، أبرزها تركيب أنظمة مراقبة شاملة تغطي الموقع بالكامل، واعتماد أنظمة إنذار مبكر وإطفاء ذاتي للحرائق، وتدريب العاملين على التصرف السريع في حالات الطوارئ. كما شدد على أهمية توثيق القطع الأثرية توثيقًا علميًا مع رقمنتها لحمايتها من التلف أو السرقة.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن تحسين ظروف العاملين في قطاع الآثار يعد جزءًا أساسيًا من حماية المواقع الأثرية. وأوضح أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين موظفي الآثار وموظفي السياحة في المزايا المالية والصحية، ما ينعكس على الأداء العام. كما انتقد بعض الإجراءات الإدارية التي تسببت في إحباط الكفاءات واستبعادهم من المناصب القيادية، مما يؤثر سلبًا على استقرار العمل.
وأكد ريحان أن مدينة الأقصر تُعد من أبرز المواقع الأثرية في العالم، وهي مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1979. وتضم المدينة معابد شهيرة مثل الكرنك، الأقصر، الدير البحري، ووادي الملوك. كما أشار إلى الاكتشافات الأثرية التي تعود إلى ما قبل عصر الأسرات، مما يعزز مكانة المدينة التاريخية.
حذر ريحان من التأثير السلبي لهذه الحوادث على حركة السياحة، خاصة مع بداية الموسم السياحي. وأكد أن استمرار هذه الحوادث قد يُستغل من قبل أطراف معادية لتشويه صورة مصر والحد من نجاحاتها في قطاع السياحة.
أشاد ريحان بالمشاريع القومية التي تنفذها الدولة لتعزيز السياحة، مثل مشروع "التجلي الأعظم"، المتوقع افتتاح مرحلته الأولى في أبريل المقبل، ومشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، إلى جانب الاستعداد لافتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أيقونة المتاحف العالمية.
يجب التعامل مع هذه الحوادث بجدية لتأمين المواقع الأثرية وتطبيق التدابير الوقائية، مع تحسين أوضاع العاملين وتوفير بيئة عمل تضمن استقرارهم النفسي والمعيشي، للحفاظ على التراث الحضاري المصري من أي مخاطر قد تهدده.